الجراح العالمي الدكتور كريم أبو المجد لـ«الأهرام»: ابتكرت جراحة بإسمي لتأهيل وتثبيت الأمعاء تنقذ الآلاف من الموت

الجراح العالمي الدكتور كريم أبو المجد لـ«الأهرام»: ابتكرت جراحة بإسمي لتأهيل وتثبيت الأمعاء تنقذ الآلاف من الموت

حوار فى جريدة الأهرام المصرية

أكد جراح الجهاز الهضمى الكبير د. كريم أبوالمجد رئيس مركز جراحات الأمعاء بمستشفى كليفلاند كلينيك بالولايات المتحدة أن جراحات فقد الوزن والتى تتم بغرض التجميل وليس لسبب طبى تعرض المرضى لمخاطر صحية منها فشل الجهاز الهضمى مما يستدعى إجراء عمليات زرع، كما أشار د. أبو المجد خلال ندوة «الأهرام» إلى أن تغير العادات الغذائية فى مصر والعالم العربى خلال السنوات الأخيرة والافراط فى تناول الوجبات الجاهزة تسبب فى الإضرار ببكتيريا الأمعاء والإصابة بالتهابات مزمنة وهى أمراض لم نكن نراها فى الشباب والأطفال من قبل.

فى البداية نود أن تحدثنا عن أهم ما قمتم به خلال زيارتكم الحالية لمصر؟

أنا لم أنقطع عن زيارة مصر، وباستثناء العام الماضى وظروف انتشار الوباء فأنا دائم الزيارة كل عدة أشهر للكشف على المرضى وإجراء جراحات الجهاز الهضمى للأطفال والكبار ونقل الخبرات لشباب الجراحين فى مجالات زرع وتثبيت الأمعاء. وفيما يتعلق بتعديل وتثبيت الأمعاء فهى من الجراحات الجديدة التى ابتكرتها وتستخدم للحالات التى تعانى تغير وضع الأمعاء وهى حالة تصاب بها حالة كل 500 طفل خلال مراحل تكون الجنين وكثيرا ما يخطئ الأطباء فى تشخيصها ليعانى المرضى مضاعفات فى الهضم وتلف للأمعاء والأوعية الدموية كما أنها تهدد حياة المريض، والجراحة ـ التى تحمل اسمى تعتمد على إعادة ترتيب الأمعاء وأعضاء الجهاز الهضمى وتثبيتها وهى عملية دقيقة أصعب وأطول من جراحات زرع الأمعاء.

هل أجريتم مثل هذه الجراحات الصعبة بمصر؟

نعم، فأول عملية قمت بها لتعديل وتثبيت الأمعاء أجريتها لطالبة من بنجلاديش فى طب قصر العيني، واستطعنا إنقاذ حياتها وكانت تعانى لسنوات آلاما مزمنة بالجهاز الهضمى ولا تعرف سببها وحاليا قمت بإنشاء جمعية خيرية فى مصر لدعم الجراحات التى أجريها للأطفال والكبار. ومن الضرورى التوضيح أن النجاح فى جراحات تعديل وتثبيت الأمعاء جاء نظرا للخبرات التى اكتسبتها من جراحات زرع الأمعاء كما أن جراحات التثبيت لا تتطلب منح المرضى مثبطات للجهاز المناعي. ولعل من الضرورى الإشارة إلى أن أول حالة على مستوى العالم لزرع الاحشاء كاملة أجريت فى 2 مايو 1990، وكانت المشكلة بعد الزرع عدم وجود أدوية مثبطة للجسم بحيث يقبل الجسم الأعضاء التى تم زرعها فقامت شركة يابانية بتصنيع دواء مستخلص من الفطريات يتناوله مدى الحياة وظلت عمليات الزرع طوق النجاة لآلاف المرضى حول العالم بعد فشل الجهاز الهضمي.

كم عدد جراحات زرع الأمعاء والأحشاء التى أجريت عالميا؟

نحو 3500 عمليه زرع حتى الآن ولقد أجريت أنا وفريقى الجراحى ثلث هذه العمليات سواء للكبار أو الأطفال وتم انقاذ هذه الحالات من موت محقق. وهناك كذلك عمليات التأهيل وتثبيت الأمعاء الدقيقة وهى أصعب كما أشرت من جراحات الزرع لأنها تحتاج الى دقة شديدة وقد تستغرق من 12 الى 14 ساعة متواصلة.

ما هى الأسباب التى تدفع الجراح لإجراء زرع الأمعاء أو الأحشاء؟

هذا القرار نتخذه فى حالة الفشل التام لعضو بالجهاز الهضمى أو كافة الأعضاء وقد يحدث بسبب انسداد الأوعية الدموية المغذية للأمعاء وحدوث جلطات أو بسبب عوامل وراثية تؤدى إلى تصلب الشرايين المغذية للأمعاء ومن الممكن أن يصاب المريض بالتهابات مزمنة بالأمعاء وهو ما يعرف باسم مرض كرون، هذا المرض مرتبط بشكل كبير بحالة ونوعية البكتيريا الموجودة فى الأمعاء. فكل إنسان يحمل فى أمعائه ما يعادل نصف كيلوجرام من البكتيريا تتأثر وتتفاعل مع الجسم وفقا لطبيعة الغذاء الذى نتناوله وبالتالى فإن الإكثار فى تناول الأكل الصحى والخضر والفواكه يؤثر بصورة إيجابية على طبيعة وإفرازات البكتيريا والعكس فى حالة تناول الوجبات السريعة والدهون غير المشبعة. وما لاحظناه فى السنوات الأخيرة هو انتشار التهابات الأمعاء المزمنة بين الأطفال والشباب بمصر والدول العربية وذلك بسبب إكثارهم من تناول الوجبات غير الصحية. كذلك من الممكن أن تليف خلايا الكبد بسبب فيروس سى أو مسببات أخرى كثيرة فى الفشل الكبدى مما يتطلب زرع كبد كما من الممكن أن يصاب المريض بأورام بالجهاز الهضمى تستدعى الزرع أيضا هناك من الممكن أن تتسبب الحوادث فى حدوث جلطات بالأوعية الدموية بالجهاز الهضمى مما يستدعى الزرع. وإلى أن تتم تلك الجراحة فإن كثيرا من هؤلاء المرضى يتم تغذيتهم بمحاليل خاصة يتم حقنها عبر الوريد وكل حالة لها تركيبتها الخاصة من المحاليل. هذا التخصص مازال فى مراحله الأولى فى مصر ونحتاج لتدريب الكوادر وتوافر التقنيات الداعمة بحيث تتم منح كل مريض ما يناسبه من الجرعات دون الإضرار به.

كيف يمكن تجنب فشل الجهاز الهضمى؟

يجب زيادة الوعى الصحى من خلال وسائل الاعلام والمدارس والجامعات بأهمية التغذية الصحية وممارسة الرياضة والحفاظ على الوزن حيث يتسبب تراكم الدهون حول منطقة البطن فى الضغط على الجهاز الهضمى وأن يتم الكشف دوريا خاصة لمن تعدوا سن الخمسين لمعالجة أى خلل بالجهاز الهضمى قبل الوصول الى المراحل الأخيرة وكذلك الكشف عن مشاكل الجهاز الهضمى عند الاطفال والشباب وأن يتم تدريب الكوادر الشابة فى مصر على المسارات الطبية والجراحية الجديدة.

انتشرت فى السنوات الأخيرة أنواع عديدة من الجراحات للنحافة والتغلب على السمنة فهل لهذه العمليات تأثير على كفاءة الجهاز الهضمى؟

هذه الجراحات يجب أن تتم فقط لعلاج مشكلة صحية وليس لغرض تجميلي، كأن يعانى المريض مضاعفات صحية مثل الضغط أو السكر أو الكلى أو يتعدى وزنه 300 كيلوجرام وغير ذلك فإن هذه الجراحات تعرض المريض لاحتمالية فشل الجهاز الهضمى على المدى البعيد وإن كانت هذه الاحتمالية ضعيفة فإنها مشكلة كارثية تهدد حياة المريض. ولقد طالبت فى الولايات المتحدة بأهمية تقنين هذا النوع من الجراحات وذلك نظرا للحالات التى جاءت لى تعانى فشلا بالجهاز الهضمى بعد إجراء عمليات النحافة المنتشرة حاليا وأنا أرى أن عمليات السمنة التى تتم بغير غرض طبى جريمة فى حق المريض ووفقا للبحوث الجارية حاليا فمن المتوقع فى السنوات العشر القادمة أن تظهر علاجات دوائية تغنى عن التدخلات الجراحية للنحافة والتغلب على السمنة.

أخيرا، كيف يمكن الاستفادة من خبراتكم فى مصر؟

قمت بالفعل على مدار السنوات الماضية بتدريب عدد من الجراحين والأطباء الشباب وحاليا أسعى لإنشاء مركز جراحى متكامل فى مستشفى «الناس» الخيرية بجهود ذاتيه لعلاج المواطنين بالمجان وتدريب الاطباء على هذه الجراحات الدقيقة سواء لزرع الأمعاء أو تثبيتها. ومن خلال هذا المركز سيتم تدريب عدد أكبر من الكوادر الطبية ونشر الأبحاث وعلاج غير القادرين والأهم التدريب على التشخيص المبكر وتحديد الحالات التى تحتاج لتدخل جراحي. كما سنعمل أيضا مع فرق متخصصة لتطوير أنواع المغذيات التى تمنح لحالات فشل الجهاز الهضمى عبر الوريد البابى هذا الأمر بالغ الأهمية للحفاظ على حياة المريض قبل إجراء عملية الزرع وهو ببساط شبيه بجلسات غسيل الكلى لا يمكن الاستغناء عنها حتى لا نفقد المريض.

 د.كريم أبو المجد فى سطور:

هو مدير مركز زرع وإعادة تأهيل الأمعاء بمستشفى كليفلاند كلينك بالولايات المتحدة الأمريكية. تخرج فى كلية الطب جامعة المنصورة وعمل بقسم الجراحة قبل أن يسافر للولايات المتحدة وعلى مدار أكثر من 30 عاما اكتسب د. كريم شهرة دولية كونه من أهم جراحى العالم فى مجال زرع الأمعاء والكبد والجهاز الهضمي.

أجرى أكثر من 1000 جراحة زرع وتثبيت أمعاء للكبار والأطفال كما نشر آلاف الأبحاث فى مجال جراحات وعمليات زرع الجهاز الهضمى وله عدة جراحات مسجلة باسمه أحدثها «جراحة أبو المجد لإعادة تأهيل وتثبيت الأمعاء» والتى نشرت حديثا والتى ثبت أن نتائجها أفضل من الجراحات السابقة للغرض ذاته.


https://gate.ahram.org.eg/daily/News/827876.aspx